الطائفية في العراق من وراءها؟
بقلم : د.عبد الحميد الكاتب
ويستمر مسلسل العنف في بلاد الرافدين ويتصاعد ، يتزايد كما ويتطور نوعا ، والمجرمون لم ترتوي قلوبهم المريضة من الدم العراقي النازف ، ولم يكتفون بطريقة واحدة أو يقتصرون على أسلوب معين ، فبعد اغتيال أفراد منتخبين تحولوا إلى جموع الأهالي دون تمييز بينهم ، وفضلا عن الرجال ثم الأطفال ها هم يعمدون إلى خطف النساء ومن ثم قتلهن ، لم يسلم منهم لا البشر ولا الحجر ، وتطاولوا على كل الحرمات حتى بيوت الله ومراقد الصحابة والأئمة وكتاب الله المجيد .
وتكرار الجرائم تتطلب تكرار الكلام – رغم يقيننا أن القوة تجابه بالقوة -، فليس هذا أول مقال ولا آخر مقال حول هذا الموضوع ، لقد تعددت البيانات وتنوعت التحليلات وتكررت الاستنكارات وتصاعدت الأصوات ، وهي في الأخير كلها مجمعة على رفض هذا التصرف ، ويشدون على يد الصامدين المرابطين ، ويبقى الناس يتساءلون : متى ستنتهي هذه الأفعال وردود الأفعال ؟ ومتى سيرتدع الطائفيون ؟ من وراءهم وماذا يقصدون؟
القضية في حقيقتها ليست بمجرد أفعال وردود أفعال ؛ ولا مجرد طائفية ، فلو كانت طائفية بحتة لما رأينا شرفاء الشيعة – كالمدرسة الخالصية - يستنكرون حرق وهدم مساجد ومآذن (السنة ) ، ولو كان مجرد طائفية لما رأينا مرجعيات السنة وعلى رأسهم هيئة علماء المسلمين تندد بالأعمال التي تطال مراقد ( الشيعة ) وأبناء العراق (سنة وشيعة) .
وهي ليس مجرد أفعال وردود أفعال فقط ، وإلا فما علاقة مراقد الصحابة بل ما علاقة المصاحف ، هل كان الإمام الهادي سنيا أم شيعيا ؟ وهل أنس بن مالك من الشيعة أم السنة ؟ وهل عبيد الله بن طلحة حنفيا أم جعفريا ؛ صوفيا أم سلفيا أم إخوانيا ... ، والمصاحف هل هي خاصة بطائفة دون أخرى ، لاريب أن عدو هؤلاء جميعا واحد ، عدوهم الكفر دون سواه .
نعم لا ينكر أن بعض الذين يقومون بتلك الأعمال الإجرامية يحملون الهوية الإسلامية بحكم الوراثة ، ولا يغفل أنهم يتغنون بشعارات طائفية تنتصر لمذهب ضد آخر ، ولا نقاش في أنهم يندفعون في أفعالهم بحقد طائفي بغيض ، وقد يتعبدون ربهم بكل جرائمهم تلك ، لكن لنتفق أيضا بأن هؤلاء رعاع الناس وجهلتهم ، وأنهم أدوات تحركهم أجندة سياسية خبيثة ، ومن هنا فعلينا ونحن ندين هذه الأدوات فعلينا أن ندين أصحاب المشروع الإجرامي ، بل اللوم لا يقع على الفأس بقدر ما يقع على حامله .
لقد أثبتت تلك الجرائم على اختلافها بأن الشعب العراقي يذبح بيد جمع غفير من الجلادين ، كلهم واحد في تحمل وزر الجريمة ، فالجرم واحد وإن توزعوا أدوار السيناريو بينهم ، والله لم يلعن آكل الربا وحده بل لعن معه موكله وشاهديه ، نعم إنهم ليسوا سواء في ممارسة الجريمة لكنهم أولا وأخيرا مشتركون فيها ، ولكن رغم ذلك فإن دوافعهم شتى نذكر منها :
أولا : الميليشيات الطائفية التي نفذت تلك الجرائم من تعذيب وقتل وهدم للمساجد بما فيها مراقد الصحابة رضوان الله عليهم ، وقامت بحرق المصاحف وقتل المصلين ، وهم يعلنون أنهم ينتقمون لمقدساتهم ؛ ولكن : ألم يثبت تورط قوات الداخلية في بعض الأعمال ومنها تفجير منارتي ( الإمام الهادي )، ألم تتهم حكومتكم (الرشيدة ) قوات المغاوير المسئولة عن حماية المرقد ؟ فلماذا تنتقمون من غيرهم ؟ وأنتم ألم تتهموا (الوهابية ) ؟ فما علاقة المساجد ومراقد صحابة رسول الله ؟ لقد أدرك العالم أجمع أنكم غوغاء لا دين لكم ، وأن إعلانكم بأنكم حماة (مذهب أهل البيت ) محض ادعاء ، فأنتم أعداء لله ولكتابه ولرسوله ولأهل بيته الطيبين ، لقد أثبتم أنكم أسوأ أداة بيد أعداء الدين والوطن .
ثانيا : قوات الاحتلال التي تريد خلط الأوراق وتنفذ سياسة الفوضى البناءة ، هي تريد أن تعاقب ( أهل السنة ) لأن غالبيتهم احتضنوا المقاومة وتبنوها ، وتسعى وراء إشغال ( الشيعة ) بالتنازع على المناصب والتقاتل عليها لصرفهم عن المشروع الوطني ، بل تريد إشعال حرب أهلية لتبرر للعالم بقاءها في العراق فترة أطول ، وتعتقد أنها بكل ذلك ستجبر المقاومة على التراجع ، والسؤال لهم هل تعتقدون أن ذلك مانع للمقاومة من الاستمرار في مشروعها ؟ هل تناقصت الهجمات ضد قواتكم بشكل كبير ؟ وهل تقلصت أعداد قتلى جنودكم وآلياتكم المدمرة؟
ثالثا : حكومة الاحتلال بجميع مكوناتها - الطائفية و(الوطنية) - ، فالطائفيون ما هم إلا أدوات للجارة إيران ينفذون سياستها حرفا بحرف فهم العبيد الذين يبيعون وطنهم بدنيا غيرهم ، و( الوطنيون ) مستمرون في دعم (حكومة الوحدة الوطنية) ومصممون على إضفاء الشرعية لها على أمل تحقيق ( التوازن الطائفي ) في الحكومة ، ويصدقون وعود أعدائهم بسعيهم لمنع مسلسل القتل الطائفي ، ولا أجد أي جدوى في توجيه السؤال لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك .
رابعا : الحكومات العربية والإسلامية التي تراقب نهر الدم العراقي بصمت ، وتتفرج على مسلسل الإبادة الجماعية بدم بارد ، نعم أمريكا تطلب منكم السكوت وتأمركم بعدم التحرك ، ونحن بدورنا لا نريد منكم تمردا على أسيادكم – حاشا لله - ، لكن نتساءل : ألا يدور في خلدكم أن سعير النار المشتعلة ستطالكم ؟ ألم ينصحكم أي ناصح بأن الشرر سيتطاير إليكم ويهدد عروشكم ؟ أعميت الأبصار ؟ أم أن العمالة تقتضي غباء كذلك ؟
هي سنن الله في أرضه يصيب الناس بالفتن ، يصيبهم بنقص في الأموال والأنفس والثمرات ، فكل هذا يجري في دنيا زائلة ليميز الله الخبيث من الطيب ، نعم الموقف جد عصيب والخطب جلل ، لكن ليس وحده التاريخ سيسجل ذلك ، وليست دوائر الأيام وحدها التي ستحاسب المجرمين وأعوانهم وأدواتهم ، ليس ذلك فحسب بل هناك يوم آخر فيه الميزان الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، وإذا كانت حبة الخردل لن تضيع فما بالك بدماء المصلين والناس الأبرياء ، وهل ستضيع مساجد المسلمين ومصاحف المسلمين وأعراض المسلمين ، هناك حساب وحساب جد عسير ، وبعد ذاك الحساب إما جنة عرضها السموات والأرض أو نيران جهنم التي وقودها الناس والحجارة .
ورغم كل هذا الألم يبقى الأمل ، الأمل بالله أولا وأخيرا بأن يكشف السوء عن عباده ، وأن يجعل دائرة السوء على أعدائه ، ثم الأمل معقود على أبناء العراق الغيارى وحكمائهم ، على رجال المقاومة الشجعان الذين تصدوا للغوغاء المتطرفين فرق الموت البغيضة ، رجال المقاومة الذين لم ينخدعوا فيتورطون في ردود أفعال فتشتعل حرب طائفية تأكل الأخضر قبل اليابس ، فنسأل الله أن يجمع كلمة المخلصين من أبناء الوطن وإخوانهم فيكونوا يدا واحدة ضد أعداء الله وأعدائهم ، فيتكاتفوا ويرصوا الصفوف في موقف واحد فيطردوا المحتل وأعوانه ويفشلوا كل آماله ويهدمون بنيانه ، ويهديهم الله لبناء العراق من جديد فينعم الناس بالأمن والأمان ، فيشكروه كثيرا ويسبحوه بكرة وأصيلا .
بقلم : د.عبد الحميد الكاتب
ويستمر مسلسل العنف في بلاد الرافدين ويتصاعد ، يتزايد كما ويتطور نوعا ، والمجرمون لم ترتوي قلوبهم المريضة من الدم العراقي النازف ، ولم يكتفون بطريقة واحدة أو يقتصرون على أسلوب معين ، فبعد اغتيال أفراد منتخبين تحولوا إلى جموع الأهالي دون تمييز بينهم ، وفضلا عن الرجال ثم الأطفال ها هم يعمدون إلى خطف النساء ومن ثم قتلهن ، لم يسلم منهم لا البشر ولا الحجر ، وتطاولوا على كل الحرمات حتى بيوت الله ومراقد الصحابة والأئمة وكتاب الله المجيد .
وتكرار الجرائم تتطلب تكرار الكلام – رغم يقيننا أن القوة تجابه بالقوة -، فليس هذا أول مقال ولا آخر مقال حول هذا الموضوع ، لقد تعددت البيانات وتنوعت التحليلات وتكررت الاستنكارات وتصاعدت الأصوات ، وهي في الأخير كلها مجمعة على رفض هذا التصرف ، ويشدون على يد الصامدين المرابطين ، ويبقى الناس يتساءلون : متى ستنتهي هذه الأفعال وردود الأفعال ؟ ومتى سيرتدع الطائفيون ؟ من وراءهم وماذا يقصدون؟
القضية في حقيقتها ليست بمجرد أفعال وردود أفعال ؛ ولا مجرد طائفية ، فلو كانت طائفية بحتة لما رأينا شرفاء الشيعة – كالمدرسة الخالصية - يستنكرون حرق وهدم مساجد ومآذن (السنة ) ، ولو كان مجرد طائفية لما رأينا مرجعيات السنة وعلى رأسهم هيئة علماء المسلمين تندد بالأعمال التي تطال مراقد ( الشيعة ) وأبناء العراق (سنة وشيعة) .
وهي ليس مجرد أفعال وردود أفعال فقط ، وإلا فما علاقة مراقد الصحابة بل ما علاقة المصاحف ، هل كان الإمام الهادي سنيا أم شيعيا ؟ وهل أنس بن مالك من الشيعة أم السنة ؟ وهل عبيد الله بن طلحة حنفيا أم جعفريا ؛ صوفيا أم سلفيا أم إخوانيا ... ، والمصاحف هل هي خاصة بطائفة دون أخرى ، لاريب أن عدو هؤلاء جميعا واحد ، عدوهم الكفر دون سواه .
نعم لا ينكر أن بعض الذين يقومون بتلك الأعمال الإجرامية يحملون الهوية الإسلامية بحكم الوراثة ، ولا يغفل أنهم يتغنون بشعارات طائفية تنتصر لمذهب ضد آخر ، ولا نقاش في أنهم يندفعون في أفعالهم بحقد طائفي بغيض ، وقد يتعبدون ربهم بكل جرائمهم تلك ، لكن لنتفق أيضا بأن هؤلاء رعاع الناس وجهلتهم ، وأنهم أدوات تحركهم أجندة سياسية خبيثة ، ومن هنا فعلينا ونحن ندين هذه الأدوات فعلينا أن ندين أصحاب المشروع الإجرامي ، بل اللوم لا يقع على الفأس بقدر ما يقع على حامله .
لقد أثبتت تلك الجرائم على اختلافها بأن الشعب العراقي يذبح بيد جمع غفير من الجلادين ، كلهم واحد في تحمل وزر الجريمة ، فالجرم واحد وإن توزعوا أدوار السيناريو بينهم ، والله لم يلعن آكل الربا وحده بل لعن معه موكله وشاهديه ، نعم إنهم ليسوا سواء في ممارسة الجريمة لكنهم أولا وأخيرا مشتركون فيها ، ولكن رغم ذلك فإن دوافعهم شتى نذكر منها :
أولا : الميليشيات الطائفية التي نفذت تلك الجرائم من تعذيب وقتل وهدم للمساجد بما فيها مراقد الصحابة رضوان الله عليهم ، وقامت بحرق المصاحف وقتل المصلين ، وهم يعلنون أنهم ينتقمون لمقدساتهم ؛ ولكن : ألم يثبت تورط قوات الداخلية في بعض الأعمال ومنها تفجير منارتي ( الإمام الهادي )، ألم تتهم حكومتكم (الرشيدة ) قوات المغاوير المسئولة عن حماية المرقد ؟ فلماذا تنتقمون من غيرهم ؟ وأنتم ألم تتهموا (الوهابية ) ؟ فما علاقة المساجد ومراقد صحابة رسول الله ؟ لقد أدرك العالم أجمع أنكم غوغاء لا دين لكم ، وأن إعلانكم بأنكم حماة (مذهب أهل البيت ) محض ادعاء ، فأنتم أعداء لله ولكتابه ولرسوله ولأهل بيته الطيبين ، لقد أثبتم أنكم أسوأ أداة بيد أعداء الدين والوطن .
ثانيا : قوات الاحتلال التي تريد خلط الأوراق وتنفذ سياسة الفوضى البناءة ، هي تريد أن تعاقب ( أهل السنة ) لأن غالبيتهم احتضنوا المقاومة وتبنوها ، وتسعى وراء إشغال ( الشيعة ) بالتنازع على المناصب والتقاتل عليها لصرفهم عن المشروع الوطني ، بل تريد إشعال حرب أهلية لتبرر للعالم بقاءها في العراق فترة أطول ، وتعتقد أنها بكل ذلك ستجبر المقاومة على التراجع ، والسؤال لهم هل تعتقدون أن ذلك مانع للمقاومة من الاستمرار في مشروعها ؟ هل تناقصت الهجمات ضد قواتكم بشكل كبير ؟ وهل تقلصت أعداد قتلى جنودكم وآلياتكم المدمرة؟
ثالثا : حكومة الاحتلال بجميع مكوناتها - الطائفية و(الوطنية) - ، فالطائفيون ما هم إلا أدوات للجارة إيران ينفذون سياستها حرفا بحرف فهم العبيد الذين يبيعون وطنهم بدنيا غيرهم ، و( الوطنيون ) مستمرون في دعم (حكومة الوحدة الوطنية) ومصممون على إضفاء الشرعية لها على أمل تحقيق ( التوازن الطائفي ) في الحكومة ، ويصدقون وعود أعدائهم بسعيهم لمنع مسلسل القتل الطائفي ، ولا أجد أي جدوى في توجيه السؤال لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك .
رابعا : الحكومات العربية والإسلامية التي تراقب نهر الدم العراقي بصمت ، وتتفرج على مسلسل الإبادة الجماعية بدم بارد ، نعم أمريكا تطلب منكم السكوت وتأمركم بعدم التحرك ، ونحن بدورنا لا نريد منكم تمردا على أسيادكم – حاشا لله - ، لكن نتساءل : ألا يدور في خلدكم أن سعير النار المشتعلة ستطالكم ؟ ألم ينصحكم أي ناصح بأن الشرر سيتطاير إليكم ويهدد عروشكم ؟ أعميت الأبصار ؟ أم أن العمالة تقتضي غباء كذلك ؟
هي سنن الله في أرضه يصيب الناس بالفتن ، يصيبهم بنقص في الأموال والأنفس والثمرات ، فكل هذا يجري في دنيا زائلة ليميز الله الخبيث من الطيب ، نعم الموقف جد عصيب والخطب جلل ، لكن ليس وحده التاريخ سيسجل ذلك ، وليست دوائر الأيام وحدها التي ستحاسب المجرمين وأعوانهم وأدواتهم ، ليس ذلك فحسب بل هناك يوم آخر فيه الميزان الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، وإذا كانت حبة الخردل لن تضيع فما بالك بدماء المصلين والناس الأبرياء ، وهل ستضيع مساجد المسلمين ومصاحف المسلمين وأعراض المسلمين ، هناك حساب وحساب جد عسير ، وبعد ذاك الحساب إما جنة عرضها السموات والأرض أو نيران جهنم التي وقودها الناس والحجارة .
ورغم كل هذا الألم يبقى الأمل ، الأمل بالله أولا وأخيرا بأن يكشف السوء عن عباده ، وأن يجعل دائرة السوء على أعدائه ، ثم الأمل معقود على أبناء العراق الغيارى وحكمائهم ، على رجال المقاومة الشجعان الذين تصدوا للغوغاء المتطرفين فرق الموت البغيضة ، رجال المقاومة الذين لم ينخدعوا فيتورطون في ردود أفعال فتشتعل حرب طائفية تأكل الأخضر قبل اليابس ، فنسأل الله أن يجمع كلمة المخلصين من أبناء الوطن وإخوانهم فيكونوا يدا واحدة ضد أعداء الله وأعدائهم ، فيتكاتفوا ويرصوا الصفوف في موقف واحد فيطردوا المحتل وأعوانه ويفشلوا كل آماله ويهدمون بنيانه ، ويهديهم الله لبناء العراق من جديد فينعم الناس بالأمن والأمان ، فيشكروه كثيرا ويسبحوه بكرة وأصيلا .